وكالة الحوزة _ ثمة سؤال يطرح: هل الروايات القائلة بنزول آيتي البلاغ والاكمال في الامام علي (ع) متواترة؟ ومن صرح بتواتره من علماء الشيعة؟ وقد جاء الرد على هذا السؤال في الموقع الالكتروني لمركز الابحاث العقائدية الذي يشرف عليه مكتب المرجع السيد علي الحسيني السيستاني.
السؤال: وهو عن الآيتين (( بلغ ما أنزل إليك من ربك )) و آية (( اليوم أكلت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتي )) أولا آية ((بلغ ما أنزل إليك من ربك )) رقمها 67 في سورة المائدة و آية (( اليوم اكملت لكم دينكم )) رقمها ثلاث ، و كما نسمع في الروايات أن آية البلاغ نزلت قبل آية الإكمال ، لكن في القرآن نجدها بعد آية الإكمال ، كيف ذلك ؟
ثانيا ، هل الروايات القائلة بنزول الآيتين في شأن الإمام علي (ع) متواترة ؟
الجواب: إن القرآن الكريم رتبت آياته من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بأمر الوحي عن الله تعالى، ولا علاقة لذلك بترتيب السابق واللاحق في النزول ، وهذا ما يسمى بالنظم ، أي نظم آيات السورة بحسب أغراض ومصالح معينة تظهر أسبابها عندنا، وقد تخفى أسباب بعضها كذلك . واعلم إن آية (( بلّغ ما أنزل إليك )) إذا أخذنا ترتيب الآيات ـ وهو ما نسميه بسياق الآيات ـ بنظر الاعتبار فإن سياق الآيات لا تساعد على قولنا أنها نزلت في علي (عليه السلام) ، بل إن الآيات التي قبلها والتي بعدها تتحدث عن أهل الكتاب ، فالآية التي قبلها (( ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم ... ))[المائدة:66] ، ووردت الآية التي بعد آية بلّغ ما أنزل إليك هي قوله تعالى : ((قل يا أهل الكتاب لستم على شيء...))[المائدة:68] إلى آخر الآية ، مع أن اليهود والنصارى في ذلك العهد النبوي لم يكن لهم شأنٌ وخطر ، فهم ليس بأهل قوة ولا شوكة ولا سطوة حتى يخشى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) منهم إن هو بلّغ الإسلام ، فإن الإسلام عند نزول الآية قد أعزه الله تعالى بقوته وتمكنت سطوته فلا معنى لخوف النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) من النصارى في تبليغ الإسلام ، وإذا كان الأمر كذلك فإن الآية تشير إلى تبليغ أعظم وأمر أخطر لم يألفه المسلمون وسيرتاب منه المنافقون ، ويتزعزع لعظم خطره أهل الجاه والدنيا ، وهذا الأمر هو تبليغ ولاية علي (عليه السلام) الذي لا يطيقه المنافقون والذين في قلوبهم مرض ، فإنهم سيحاولون إلى التصدي لجهوده (صلى الله عليه وآله وسلّم) لذا أخبره تعالى إن الله سيعصمك من خطر هؤلاء ومن مؤامراتهم ، مع أن الروايات من قبل الفريقين تؤكد أن آية بلّغ ما أنزل إليك قد نزلت في تبليغ ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، مما يعني أن ترتيب الآيات وسياقها لا علاقة له بمعنى الآية وسبب نزولها ، لذا فلا عليك أن ترى تقدّم آية (( اليوم أكملت لكم دينكم )) على آية (( يا أيّها الرسول بّلغ ما أنزل إليك )) فإن روايات السنة والشيعة كلها متفقة على نزولهما في تبليغ ولاية علي (عليه السلام) . أمّا الروايات التي تقول بنزول الآيتين في علي (عليه السلام) فهي متواترة عندنا وعند أهل السنة ، وفي ذلك روى حديث ابن سلاّم في (صحيح النسائي) في تفسير قوله تعالى : (( يا أيّها الرسول بلّغ ما أنزل إليك ... ))، وفي كتاب (المتفق): أخرج الخطيب كذلك هذه الروايات . (راجع المتفق الحديث 5991) . وفي (كنز العمال الحديث 6137 ج 6 ص 405)، وراجع ذلك في (تفسير الثعلبي) عند تفسيره هذه الآية إلى غير ذلك من المصادر . وهي تؤكد تواتر روايات النزول في تبليغ ولاية علي (عليه السلام) .